“سكون”… فيلم أردني قصير يتحول إلى مشروع لدعم “الصم”

Al-Sharq Al-Awsat 28 February 2024

“سكون”… فيلم أردني قصير يتحول إلى مشروع لدعم “الصم”

نال تنويهاً من مهرجان برلين السينمائي

لم يتوقف الفيلم الأردني القصير «سكون»، الذي تبلغ مدته 19 دقيقة فقط، والحاصل على «تنويه» في مسابقة «أجيال» بالنسخة الماضية لمهرجان برلين السينمائي، عند حد الشريط السينمائي القصير، لكن امتد ليشمل إطلاق منصة عبر «إنستغرام» تحمل اسم «مسموع»، بهدف التواصل مع الصم من مختلف أنحاء الوطن العربي.

وقالت مخرجة الفيلم دينا ناصر لـ«الشرق الأوسط» إن التحضير للفيلم استغرق نحو عامين من العمل المتواصل، بسبب التحديات الكثيرة التي واجهتهم، وعملهم على تقديمه بشكل شديد الواقعية، لا سيما وأن القصة مأخوذة من أحداث واقعية.

وأضافت أنهم نظموا عدة ورش للاستماع إلى الحكايات المشابهة، التي حدثت بالفعل من أصحابها، وجرى الاستفادة منها في تفاصيل الفيلم، لكن مع الحفاظ على متن القصة الحقيقة، لافتة إلى أنه على الرغم من كون المشروع لفيلم قصير، فإنه فتح أفاق التطرق لأمور متعددة يعيشها «الصم» في الأردن.

تدور أحداث «سكون» حول الطفلة هند لاعبة الكاراتيه الشابة المصابة بالصمم، التي تتعرض للتحرش بشكل مفاجئ من مدربها الخاص، مما يجعل حياتها تتحول بشكل كبير، لنتابع خلال الأحداث كيفية تعاملها مع والدتها والصعوبات التي تواجهها في استعادة حياتها ومحيطها الآمن، وهو إنتاج أردني – مصري – فلسطيني.

تشير المخرجة الأردنية إلى أن طبيعة القصة فرضت عليها اختيار فتاة تعاني من «الصمم» بالفعل، وفي الوقت نفسه تقوم بممارسة الكاراتيه بشكل احترافي، لكنها اكتشفت وجود فصل بين تدريب الناطقين وغير الناطقين في الرياضة، مما جعلها تغير استراتيجية اختيار البطلة، لتعتمد على اختيار فتاة وتدريبها على الكاراتيه بشكل احترافي.

وأضافت أنها اختارت الطفلة ملك، بعد رحلة بحث طويلة، بصفتها الأنسب للدور، وخلال 4 أشهر من التدريب المكثف على لعب الكاراتيه، أصبحت مؤهلة بشكل كامل للدور رياضياً، ليتبع ذلك ورشة تمثيل مكثفة لمدة شهر اعتمدت على تمارين مع باقي فريق العمل، لافتة إلى أن الأبطال استغربوا الاهتمام بالتدريبات المكثفة والورش قبل التصوير بالرغم من أن الفيلم قصير وليس طويلاً.

التحضيرات والتدريبات المكثفة لم تمنع دينا ناصر من إنهاء التصوير بغضون 5 أيام فقط، بعدما استقرت على جميع التفاصيل مع الممثلين، مؤكدة أن تعايش ملك مع دورها والأحاسيس التي قدمتها أمام الكاميرا أمر جعلها تشعر بالذهول.

كما تلفت إلى وجود عدة أمور جرى العمل على مراعاتها خلال التصوير، في مقدمتها مراعاة خصوصية عالم «الصم» أثناء التصوير.

وفي حيثيات منح التنويه الخاص، أكدت لجنة تحكيم مسابقة «أجيال» في مهرجان برلين أن «التصوير الواقعي والتعرف بشكل جيد على مشاعر الفتاة وكيفية متابعة تشويه عالمها بسبب التعرض للتحرش الجنسي بشكل غير متوقع سلَّط الضوء على أهمية مواجهة العنف الجسدي بشكل أكبر».

تقول دينا إن اختيار الفيلم للعرض في مسابقة «أجيال» كان مفاجئاً بالنسبة لها، بسبب طبيعة الفيلم الذي اعتقدت أنه سيكون للكبار، لكن في كل مرة كان يعرض الفيلم بالمهرجان، يشاهده طلاب من المدارس، ويقومون بمناقشته معها، ويتفاعلون، وهو أمر جعلها تشعر بالسعادة، لأن النقاش لا يجب أن يكون مع الأهل فقط، ولكن أيضاً مع الأطفال لأن الحادث الذي يتعرضون له للحظات قد يغير مجرى حياتهم ونظرتهم.

وتشير المخرجة الأردنية إلى أن دخولهم صناعَ فيلم عن عالم الصم جعلهم يطلقون منصة «مسموع» عبر «إنستغرام»، التي تبث محتوى باللغة العربية للصم من خلال لغة الإشارة، وهو أحد أهم الإنجازات التي ترى أن الفيلم حققها مع عملهم على المنصة وتلقي مساعدات من صناع محتوى عرب للمشاركة فيها بشكل تطوعي، الأمر الذي يشجعهم على خطوات أخرى قادمة من بينها إطلاق سينما تعرض الأفلام بلغة الإشارة عبر صورة متكاملة على الشاشة للمترجم.